حال السوريين في المناطق المنكوبة بالزلزال في تركيا

منصة عين

أطفال سوريون نازحون في مخيمات مدينة كهرمان مرعش – المصدر: منصة عين

في السادس من شباط في هذا العام، وعند الساعة الرابعة وثمانية عشر دقيقة، اهتزت الأرض جنوب تركيا وشمال سوريا بفعل زلزال كبير وصلت قوته ل6.7 درجات على مقياس ريختر، أدى هذا الزلزال لدمار الآلاف من الأبنية ومقتل عشرات الآلاف من الضحايا، العدد الأكبر منهم من الأتراك، فيما تجاوز عدد الضحايا من السوريين الخمسة آلاف سوري من اللاجئين المقيمين جنوب تركيا، وأكثر من ثمانية آلاف سوري في الشمال الغربي لسوريا.

على إثر هذا الزلزال المدمر، نزح الآلاف من السوريين إلى مدن تركية جديدة، فيما بقي العدد الأكبر منهم داخل المدن التي دمرها الزلزال، قضى البعض منهم الليالي والأيام في الشوارع، والبعض الآخر نام في سيارته، وآخرون لجأوا إلى المخيمات التي شيدتها الحكومة التركية بشكل مباشر داخل هذه المدن المدمرة.

اليوم وبعد مضي ستة أشهر على الزلزال المدمر، عادت أعداد كبيرة من السوريين إلى منازلهم، فيما بقيت أعداد أخرى داخل المخيمات، لعدم وجود بديل بعد تهدم البيوت التي كانوا يقيمون فيها.

وعانى عدد كبير ممن يمتلكون الإمكانية المادية لاستئجار منزل، من إيجاد منزل جديد لهم، بسبب الطلب الكبير على البيوت السليمة التي لم يصبها أذى بفعل الزلزال، ومن جانب آخر عانوا من ارتفاع أسعار الإيجارات في المدن التي ضربها الزلزال.

واحد من مخيمات النزوح في مدينة مرعش – منصة عين

نزوح جديد

أحمد توتنجي لاجئ سوري مقيم في مدينة غازي عنتاب منذ تسع سنوات، يقيم أحمد مع عائلته المكونة من أربعة أشخاص، ونزح إلى مدينة بورصة بعد حدوث الزلزال بخمسة أيام، بسبب التصدعات التي حدثت في المبنى الذي يقيم فيه.

يقول أحمد أنه وبعد نزوحه إلى مدينة أخرى، حاول مرارا العودة إلى مدينة غازي عنتاب، ولكنه صُدم بأسعار الإيجارات المرتفعة للمنازل بعد الزلزال.

ويضيف، “كنت أقيم في منزل يحتوي على ثلاثة غرف وصالون، وكنت أدفع مبلغ 4000 ليرة في ذلك الوقت كبدل أجرة شهري، أي ما يقارب المئتي دولار، وكنت أتوقع أن المدن التي ضربها الزلزال، ستهبط فيها أسعار المنازل بشكل كبير، نتيجة النزوح الكبير الذي حدث من السوريين والأتراك، ولكن الواقع كان عكس ذلك، ارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأصبحت أجرة المنزل ذو الثلاثة غرف وصالون، أكثر من 15000 ليرة تركية، أي أكثر من 600 دولار”.

ولا زال أحمد اليوم يقيم في مدينة بورصة عند أقربائه، ويحاول التأقلم وبناء حياة جديدة له هناك، ولكنه متخوف من فكرة بناء حياة جديدة له، لأنها وبحسب رأيه هي نقطة العودة إلى الصفر.

بدوره قال كمال شحادة وهو لاجئ سوري مقيم في مدينة كهرمان مرعش وهي مركز الزلزال، أنه هرب وعائلته من منزلهم أثناء حدوث الهزة، وأنه خرج إلى مدينة إسطنبول برفقة عائلته، وبقي هناك لمدة شهر ونصف، وعاد إلى مدينة مرعش بعد ذلك، إلا أن صاحب المنزل الذي يقيم فيه، رفع عليه سعر الإيجار بمقدار 150 في المئة، مما جعل كمال يبحث عن منزل آخر.

ويضيف كمال، “بعد مرور وقت طويل، وجدت منزلا صغيرا جدا في أحد أحياء المدينة، وسعره مرتفع جدا، ولكن هذا أفضل لي من البقاء في أحد المخيمات، أو البقاء في الشارع مع عائلتي، فأطفال صغار جدا، وتأثروا نفسيا بشكل كبير بما حدث”.

الخيمة مثل فرن الخبز

أم خالد لاجئة سورية تقيم في مدينة كهرمان مرعش، رفضت أم خالد ذكر اسمها الكامل.

تنحدر أم خالد من مدينة حمص وسط سوريا، ولجأت إلى تركيا مع زوجها وعائلتها المكونة من 14 شخص، وأقامت في مدينة كهرمان مرعش منذ ستة أعوام.

وعلى إِثر الزلزال، فقدت أم خالد والدتها وأخوها وخالتها، وخرجت من منزلها إلى إحدى مخيمات المدينة التي أنشأتها وكالة الغوث والطوارئ آفاد في إحدى حدائق المدينة.

لا تزال أم خالد في خيمتها مع أطفالها وزوجها، وفي خيمة مجاورة يقيم باقي أفراد عائلتها، وتعاني اليوم من الحر الشديد الذي يضرب خيمتها بشكل يومي، بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

وتضيف، “سقط منزلنا على الأرض، وخرجنا بشق الأنفس، بقي طفلي تحت الأنقاض لأكثر من 15 ساعة، وفقدت عددا كبيرا من معارفي وعائلتي، لا يوجد أي شيء يمكن أن يعوضني عما حدث لي، ما حدث في هذا الزلزال في لحظات، يعادل ما حدث معنا في سوريا خلال اثنا عشر عاما”.

البناء الذي كانت تقيم فيه أم خالد في مدينة كهرمان مرعش – منصة عين

وتوضح أم خالد، “هناك مساعدات تأتينا بشكل دوري، ولكنها لا تكفينا أبدا، طفلي في حالة نفسية صعبة جدا، ولا يرغب أبدا في العودة إلى المدرسة، وطفلي الآخر يعمل ونعيش من مردوده الأسبوعي، ولكن بعد فقدان الأحبة لا نشعر أننا نعيش مثل البشر العاديين، درجات الحرارة مرتفعة جدا، وأقضي النهار كله خارج الخيمة كي نستطيع أن نشتم الهواء، فالخيمة من الداخل حرارتها مثل حرارة أفران الخبز”. 

وبحسب وزير البيئة والتحضر والتغير المناخي التركي، مراد كوروم، انطلق بداية شهر آذار الفائت بناء أول دفعة من الوحدات السكنية في المناطق المتضررة، بوضع حجر الأساس للوحدات السكنية، البالغ عددها 21 ألفا و244 وحدة سكنية، موزعة على 11 ولاية منكوبة، وسيعقبه وضع أساسات لـ244 ألف وحدة سكنية في هذه الولايات في غضون شهرين.

وكان الرئيس رجب طيب إردوغان تعهد بتسليم الوحدات السكنية للمتضررين خلال عام واحد، مؤكداً على أن حكومته لن تتخلى عن أي من المواطنين اللذين تهدمت بيوتهم أو تضررت.

“كانت أجمل مدينة”

أما عماد طقش، ابن ريف حلب الشمالي، المقيم في مدينة مرعش منذ ستة أعوام، ودرس فيها وتخرج من جامعتها، قال إنه كان يعشق المدينة قبل حدوث الزلزال فيها، وكانت بالنسبة له من أجمل المدن للعيش فيها، “المدينة قبل الزلزال كانت مدينة هادئة ونشطة وجميلة وتنمو حتى آخر ليلة قبل الزلزال، وكانت بالنسبة لي من أجمل المدن حتى تلك الليلة، إذ كان يهطل المطر والثلوج وكنت أتأمل منظرها من قمة الجبل المطل عليها”.

ولكنها لم تعد كذلك بالنسبة له، إذ شَهِدَ على دمارها أمام عينيه، وشاهد الجثث في شوارعها، ووقف عاجزاً أمام هول المشهد.

بدورها تقول أم راشد الإمام، وهي لاجئة في تركيا منذ أكثر من عشرة أعوام، “كُتب علينا النزوح بشكل مستمر، عام 2014 تركنا منزلنا في حلب ونزحنا إلى إدلب، ثم لجأنا تركيا وبقينا في أنطاكية، وبعد الزلزال نزحنا إلى أنقرة، ثم عدنا أدراجنا إلى أنطاكية مجددا”.

وتتابع، “أرهقنا النزوح، عندما انتقلنا إلى مدينة جديدة، أدركنا أنه لا يمكننا البدء من جديد، يكفينا كم احتجنا من الوقت للعودة إلى حياة طبيعية في تركيا، رغم عودتنا اليوم إلى انطاكيا، لا نشعر أننا نعيش بشكل طبيعي، فنحن نقيم في منازل مؤقتة أنشأتها الحكومة، وتأتينا مساعدات كل فترة من بعض المنظمات المحلية والدولية، ولكنها لا تكفي أبدا لسد احتياجاتنا”.

سياسة مؤقتة

وفقًا للتقديرات الحكومية، يعيش أكثر من 1.7 مليون لاجئ سوري في المحافظات الـ10 الجنوبية التي دمرها الزلزال، يعتمد الكثيرون على بطاقة الحماية المؤقتة التي تلزمهم بالعيش فقط في المحافظة التي سجلوا فيها، فقبل الزلزال، لم يكن باستطاعتهم السفر إلى أي محافظة أخرى دون تصريح.

لكن بعد فرار الكثير من اللاجئين إلى إسطنبول في الأيام الأولى للزلزال، راجعت المديرية العامة لإدارة الهجرة قرارها لكل حالة على حدة، وسمحت للعائلات التي وصلت بالفعل لإسطنبول، بالبقاء فيها حتى 60 يومًا.

ويقول بال نيسي الأمين العام للمنظمة النرويجية لطالبي اللجوء، في حديثه لوسائل الإعلام إثر القرارات التي تبعت زلزال تركيا، “عندما يحصل شخص ما على وضع اللجوء في دولة أوروبية، فإنه يتمكن من الانتقال بحرية داخل البلاد”.

ويضيف، “هناك بعض القصور في الأنظمة القانونية التركية مقارنة بالدول الأخرى التي وقعت على اتفاقية اللاجئين دون تحفظ”.

وبحسب المادة رقم 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، “لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدول، ولكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده”.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

CORONA CORONASYRIA coronavirus covid19 marotacity migration REFUGEES syria TURKEY women أطباء أطباء_سوريون إدلب إعادة الإعمار إنفوغرافيك الإعلام_السوري الدفاع المدني السكن البديل باسيليا سيتي دعم_نفسي سرطان سوريا فايروس فيروس كبار_السن كورونا كوفيد19 لاجئين ماروتا سيتي مرأة هجرة

Loading

شارك:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn

منشورات ذو صلة