النباشون.. منقّبون عن الدخل اللامحدود

منصة عين

أحمد حيدر

نبّاش سوري / غازي عينتاب / تركيا / المصدر: إرفع صوتك

“أنا لا أنقب في الحاويات كأحد ممتهن لهذه المهنة، أنا أبحث عن قطع أو أثاث منزل أو ثياب قد استغنى عنها أصحابها، وأستفيد منها في بيتي أو ثياب أُلبسها لأطفالي، وأحياناً أجد قطع بلاستيكية قد أبيعها كي أكسب قوت يومي إن لم تكن لي الحاجة بها”.

وتضيف أم سعيد، “بعدما فُقِدَ زوجي بعامين قيل لي أنَّ الحياة في تركيا ستكون أفضل وأسهل وأنَّ المنظمات الإغاثية التي تعمل لأجل اللاجئين السوريين سوف تتكفل ولداي الصغيرين وتؤمن لهما حياة أفضل من حياة الحصار والدمار”.

هكذا وصفت أم سعيد ابنة الـ42 عاماً، وهي لاجئة سورية وأم لطفلين، وضعها في تركيا وعملها في التنقيب في حاويات القمامة، وأضافت في حديثها لمنصة عين، “دخلت تركيا بشكل غير شرعي حاملةً ابنتي ذات الثلاث سنوات على يدي وابني ذو الـ 10 سنوات بجانبي، توجهنا للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة، وتم وضعنا في مركز إيواء للاجئين في ريف مدينة غازي عينتاب، تقدمت بطلب كفالة من إحدى المنظمات الإغاثية لأطفالي اليتامى، وبقينا في مركز الإيواء حتى تم إغلاقه منذ عدة سنوات، مما اضطررني لتقديم طلب مساعدة مادية من إحدى المنظمات لأستأجر غرفة صغيرة لي ولأطفالي، وفي هذا الوقت عملت في تنظيف الأطباق في إحدى المطاعم السورية، وكانت ساعات العمل تتراوح بين ست وثماني ساعات يومياً، والراتب كان جيداً نوعاً ما، إلى جانب الكفالة والمساعدة المالية المقدمة لي من قبل المنظمة”.

وأشارت أم سعيد في حديثها عن عملها في التنقيب في حاويات القمامة، “بعد رفع الكفالة من المنظمات المعنية بمساعدتي مع أطفالي، اضطررت للعمل في التنقيب وإيجاد ما يعينني على قضاء حوائجي من هذه المهنة، ومثلي الكثير من السوريين اللذين امتهنوها كمهنة يومية وخاصة الشباب الذين اعتبروها مصدر رزق جيد جداً لهم”.

وتنص المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أنه لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ فيما يأمن به الغوائل في حالات البطالة، أو المرض، أو العجز، أو الترمُّل، أو الشيخوخة، أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.
وأنه للأمومة والطفولة حقٌّ في رعاية ومساعدة خاصَّتين، ولجميع الأطفال حقُّ التمتُّع بذات الحماية الاجتماعية سواء وُلِدوا في إطار الزواج أو خارج هذا الإطار.

مهنة النباشة

يطلق اسم “النباش” على الشخص الذي ينبش حاويات القمامة للبحث عن مواد قابلة للتدوير، وبيعها للجهات المعنية بإعادة تدويرها.

وراجت هذه المهنة بين اللاجئين السوريين في تركيا، خلال العام الحالي 2021 بشكل كبير، إذ مثّلت بالنسبة لهم مصدر دخل أساسي، ومعظم العاملين فيها من القصّر.

وتبدو هذه المهنة منظمة من قبل اللاجئين السوريين، خاصة في المدن الجنوبية القريبة من الحدود السورية، مثل غازي عينتاب، ومرسين، وأنطاكيا، وكيليس.

ولا تقتصر هذه الظاهرة على اللاجئين السوريين فقط، فقد باتت متاحة لأي شخص في تركيا لا يجد عمل كاللاجئين الأفغانيين، وأيضاً بعض الأتراك، ولكن بأسلوب تجارة أوسع وأكبر، إذ يشتري الأتراك من النباشين ومن بعدها يتم بيعها للمعامل لإعادة تدويرها.

وتعتبر النباشين فئة مستغلة فمنهم قاصرون يلجأ البعض منهم إلى أصحاب رؤوس الأموال الأتراك أو السوريين منهم، لكي يسمحوا لهم بالعمل، وبالتالي يؤمّن لهم صاحب العمل مكان إقامة وعربة يعملون عليها مقابل أن يشتري منهم المواد المجمّعة بسعر بخس جداً، أو مقابل راتب شهري، وإذا ما حصل جدال بين العامل وصاحب العمل فغالباً يتم تعرض هذا العامل إلى خطر أو ضرر جسدي أو مادي من صاحب العمل.

قانونية النباشة في تركيا

تعتبر مهنة النباشة غير قانونية في القانون التركي وغير مسجلة في دائرة المهن التركية، ولكن يتم غض النظر عن بعض الحالات بحسب المدن، فمثلاً في مدينة اسطنبول يتم مصادرة العربات الكبيرة كالسيارات أو الدراجات الكهربائية غير الذين يحملون أكياساً على ظهورهم أو يجرّون عربات صغيرة، بحسب القانوني السوري محمد الخطيب المقيم في تركيا.
وأضاف القانوني في حديثه لمنصة عين، “في مدن باتمان وآدي يمان وغازي عينتاب ومرسين، يتم غض النظر عنهم سواء كانت عربات كبيرة أو صغيرة أو سيارات وشاحنات.

أما بالنسبة للذين يبررون أنهم لا يملكون بطاقات حماية مؤقتة، بسبب ضياع أو فقدان أوراقهم الشخصية، فهذا التبرير غير صحيح لأن الدوائر الحكومية التركية المتخصصة بإصدار بطاقات الحماية للاجئين يراعون هذه الحالات، ويتم إصدار بطاقات حماية لهم على أساس شهادات أشخاص ذويهم أو أبناء مناطقهم السورية، إلا بعض الحالات التي لم يتم منحهم بطاقات الحماية نتيجة ترحيلهم لعدة أسباب، وبالتالي يعاودون الدخول إلى تركيا بطريقة غير شرعية فيتم رفض طلبات لجوئهم”.

وأردف الخطيب، “تلجأ هذه الفئة من الناس للعمل في النباشة نتيجة الابتزاز في أماكن عملهم السابقة، أو نتيجة الضغط والأجور القليلة التي لا تكفي متطلبات معيشتهم، فأحياناً يقوم النباش بنفس الجهد الذي كان يبذله في عمله القديم، فيحصل على أجر في يوم واحد ما يعادل نصف أو كل أجره الذي كان يتقاضاه أسبوعياً من مهنته الأساسية، فبالتالي يعتبر هذا الأمر مربحاً مادياً وأقل جهداً وأوفر وقتاً بالنسبة له”.

اضطررت لهذا العمل

عبد الله 27 عاماً، لاجئ سوري في تركيا من الريف الشمالي لمدينة حلب، متزوج ولديه طفل ويقيم في مدينة غازي عينتاب، يعمل حالياً في مهنة النباشة هو وصديقه مراد منذ عامين ونصف، يقول عبد في حديثه لمنصة عين، “كنتُ أعمل سابقاً في سورية بمهنة “الحقن”، وهي طريقة تصنيع تضمن تشكيل المواد الخام البلاستيكية المذابة بواسطة الحرارة عن طريق حقنها داخل قالب وتبريدها وإخراجها من القالب،دخلت إلى تركيا منذ أربع سنوات، لست حاملاً لبطاقة الحماية المؤقتة إلى الآن كوني لا أملك أي أوراق تثبت شخصيتي بعد أن فقدتها نتيجة الحرب في سوريا،واضطررت للعمل في معمل للحقن بمنطقة الصناعة في مدينة غازي عينتاب براتب زهيد جداً لا يتعدى 800 ليرة تركية شهرياً، وقبلت بالراتب لأنه لا يوجد عمل آخر يقبل بي دون أوراق شخصية أو إذن عمل”.

صورة تجمع عبد الله وصديقه مراد أثناء عملهم / غازي عينتاب / تركيا / المصدر: منصة عين

يتابع عبد الله، “بقيت على هذه الحال وهذا العمل عاماً ونصف حتى قررت الزواج، ولكن لم أستطع تحقيق ذلك، كيف سأتزوج وأعيش أنا وزوجتي براتب 800 ليرة وهو لا يكفي لاستئجار غرفة حتى، تعرفت على مراد وخرجت برفقته للعمل في النباشة، وفي أول فترة كنت أجد هذا العمل صعباً قليلاً من الناحية الاجتماعية، كيف سينظر لي الناس وأنا أنقب في القمامة وأنزل إلى داخل حاويات القمامة مفتشاً عن قطعة كرتون هنا وقطعة بلاستيك هناك”.

يضيف عبد الله، “مع مرور الوقت وجدت أن هذا العمل أفضل بكثير من أي عمل ثاني من ناحية الجهد والوقت والمردود المادي، ولا يحتاج إلى تصريح عمل أدفع عليه شهرياً 1000 ليرة تركية، نخرج صباحاً نتجول باحثين في الحاويات عن كرتون وبلاستيك نجمعها ضمن أكياس مخصصة لها، وفي آخر النهار نذهب إلى تجار الورق والبلاستيك ونبيعهم حصيدة اليوم، ويصل سعر كيلو الكرتون 1.50 ليرة تركية ويصل سعر البلاستيك إلى 3.50 ليرة تركية، ويمكن تحديد سعر البيع بحسب صاحب معمل التجميع، فهناك من يدفع لنا أسعاراً أكبر من ذلك”.

ويضيف عبد الله، “نستطيع القول أنَّ هذا العمل مردوده جيد جداً، إذ يمكنني تغطية كافة مصاريفي يومياً منه، إذ يصل مردودي الشهر لما لا يقل عن أربعة آلاف ليرة تركية، وهو رقم ممتاز جداً بالنسبة لي ولعائلتي”.

وعن قانونية عمل عبد الله، قال، “أعلم أنَّ هذا العمل غير قانوني ولا يمكننا استخراج رخصة لهذا العمل، ولكن على الأقل هذا العمل الوحيد الذي يتقبلني بدون ترخيص وبدون أوراق شخصية، وأن شرطة البلدية لا تتعرض لنا لأنها تعلم أننا نعمل، ولكن لا يخلو الأمر من بعض السيئين ممّن يمتهنون هذه المهنة وأحياناً من شرطة البلدية، فهناك بعض الحوادث التي تحصل أحياناً من شرطة البلدية، حيث تقوم الشرطة بضبط البعض منهم وهم يقومون بعمليات نشل أو سرقة من كراجات ومداخل الأبنية أو تخريب للممتلكات العامة في الشوارع والحدائق”.

موقف الجالية السورية

ملك توما ممثلة مجلس إدارة الجالية السورية في مدينة غازي عينتاب، قالت في حديثها لمنصة عين أن الجالية السورية تعمل على مساعدة السوريين والسوريات لاستخراج الأوراق القانونية، وإجراءات الحماية المؤقتة والإقامة السياحية، وإذن التنقل والسفر من دائرة الهجرة، من أجل مزاولة أعمالهم على النحو الأقرب ليحصلوا على حياة كريمة.

وأضافت توما، “إننا نعلم بأن مهنة جمع بقايا البلاستيك والكرتون غير مرخصة في تركيا ويلجأ إليها البعض من السوريين لأسباب اقتصادية وتحقّق أرباحاً عالية، ولكن يستطيعون العمل في مهن أخرى والجميع يعلم بالمراكز المهنية المنتشرة في مدينة غازي عينتاب، التي تقدم أكثر من 50 مهنة متنوعة تهم سوق العمل وتقدم حياة كريمة للإنسان السوري والتركي بآن معاً”.

وأردفت، “نحن نحزن فعلاً وبشدة عندما نرى سوريين بينهم أطفالاً وشباباً يقومون في هذا العمل في وضح النهار، وهم يرتدون ثياباً رثة ويحملون عربة يجرون فيها النايلون و ما يجنونه من القمامة في أحياء غازي عينتاب قاطبة، ولكن ما أفكر به لو أن لدينا من الجمعيات التي تعنى بحقوق الإنسان والبيئة تحديدًا، لكنّا وصلنا إلى مهنة تمارس بشكل مهني و لها وسائل وأدوات أنيقة، وتماشي الغاية النبيلة في الحفاظ على البيئة من بقايا البلاستيك”.

وتابعت توما، “هذا حقيقة ما يُعزى إلى المسؤولية المجتمعية التي لم تصل بعد إلى الحد الذي يجعل من جمع البقايا من النفايات مهنة كريمة، وهذا لم يكن موجوداً لدينا منذ أن كنا في سوريا، ولم تكن هذه المهنة منظّمة نهائياً، وكان يُنظر إلى عامليها نظرة ريبة”.

مراد صديق عبد الله في عمله في النباشة ابن الـ 30 عاماً، متزوج ولديه طفلان، قال في حديثه لمنصة عين، “عندما دخلت إلى تركيا أول مرة منذ ستة سنوات وأقدمت فوراً بطلبي للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة، وكنت أعمل في مطعم براتب لا يتجاوز 2000 ليرة تركية شهرياً، وكانت ساعات العمل طويلة بحيث تتجاوز 12 ساعة عمل يومياً، عدى المعاملة السيئة التي كنت أتلقاها أحياناً من بعض العمّال الآخرين”.

“لم أكن أهتم كثيراً في ذلك الوقت للراتب كوني كنت عازباً وليس لدي الكثير من المسؤوليات، ولكن بعد زواجي لم يعد الراتب يكفي لدفع أجرة البيت وفواتيره ومتطلبات الحياة الزوجية، ولا سيما عندما رزقت بأول طفل”.

واعتبر مراد، أنَّ عمل النباشة يعطيه الحرية والاستقلالية بشكل أكثر حيث إنه يستيقظ متى شاء ويعود للبيت متى شاء، وأنَّ المردود المادي من هذا العمل أكثر بكثير من راتب المطعم، ويوفر له حياة جيدة له ولعائلته، وأيضاً أنَّ هذا العمل ليس بحاجة إلى ترخيص أو إلى دوام كامل أو حتى رأس مال، “رأس مالي هذا الكيس، وهذه العربة فقط”.

كما وتنص المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أنه، لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة، ولجميع الأفراد، دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجٍر متساوٍ على العمل المتساوي.

يامن 16 عاماً من ريف حلب، يقول، “تقدمت للعمل في الكثير من المحلات التجارية والمطاعم التركية ويكون الجواب دائماً “يوك” لم يتقبلني أحد، لصغر سني وكوني لا أتقن اللغة التركية، أما العمل عند السوريين، فالاستغلال في ساعات العمل والرواتب القليلة التي لا تكفي لشيء أبداً، فوالدي مفقود في سوريا وأمي تعمل في تنظيف البيوت يكاد نستطيع دفع أجرة البيت”.

يتابع يامن، “بدأت العمل في النباشة منذ عام ونصف، عندما كنت أبحث عن فرصة عمل، شاهدت أطفالاً يقفزون إلى حاوية القمامة ويستخرجون منها أكياس القمامة، سألتهم هل تفرغون القمامة وتبيعونها فأجابوني، نحن لا نأخذ الزبالة، نحن نبحث عن البلاستيك والكرتون ونبيعهم”.

“بعد ذلك سألتهم إن كان بإمكاني العمل معهم، وبدايةً اشتريت كيساً كبيراً وبدأت أنقب عن البلاستيك، وفي أول يوم أذكر أنني جمعت 30 كيلو غراماً، وبعتهم ب 90 ليرة، واشتريت بعد فترة عربة وفّرت على نفسي الجهد والتعب”.

نعم إنني أجني مردوداً أعتبره جيد جداً، بالنسبة لعمل أكون فيه أنا المسؤول عن نفسي”.

ويتابع يامن ضاحكاً، “نعم أعلم أنها مهنة قذرة، وأنا أساهم في عملية التنظيف، ولكن مردودها جيد لي ولأمي ولأختي الأصغر سناً، وهي أفضل من الحاجة أو السرقة، لن أستمر بها إن وجدت فرصة أفضل”.

الخصوصية النفسية لهذه الفئة

صفوان قسّام دكتوراه في علم النفس الاجتماعي مقيم في مدينة غازي عينتاب، أوضح في حديثه لمنصة عين عن الآثار النفسية والمستقبلية لممتهني النباشة، وقال، “لا تعتبر النباشة مهنة رسمية إلا إذا كانت مصدر للعيش المنتظم، فقد لاحظنا أيضاً وجود نباشين يأخذونها على الصعيد الشخصي، إما الحاجة أو يعتاشون منها بشكل دوري أو يومي، فمنهم من يمتهن مهنة النباشة ويأخذها بشكل منتظم لجمع قوت يومه، ومنهم من يأخذ النباشة إضافة للتسول أيضاً”.

وأضاف صفوان، “تَعتبر هذه الفئة من الأشخاص أن الحصول على دعم نفسي شيء من الرفاهية، وليس لديهم الوقت الكافي للذهاب إلى مختص نفسي أو مرشد اجتماعي لتلقي خدمة من هذا النوع، وليس لديهم وصول أو معرفة بمنظمات تقدم مثل هذه الخدمة”.

وأشار صفوان إلى أن هذه المهنة كانت متواجدة في سوريا وظهرت أيضاً في تركيا مع بداية توافد اللاجئين السوريين إليها، وأنها غير مقتصرة على فئة عمرية محددة أو جنس معين، وقال، “هذه الفئة من الناس بعيدة كل البعد عن وسائل التواصل التي تستخدمها المنظمات لمعالجة الشأن من هذا النوع، إذ أن أغلب البرامج والخدمات التي أطلقتها المنظمات مثل منح قروض صغيرة لتنفيذ المشاريع لم تصل لهذه الفئة من الناس، لجهلهم باستخدام الهاتف أو منصات التواصل، أو أنهم غير مهتمين بهذه المنظمات”.

وعن المخاوف التي ممكن أن تؤثر على مستقبل الأطفال في هذا العمر، يقول صفوان، “أولاً هم يتلقون شيئاً ليس من المفترض أن يتلقوه في عمرهم، كالاحتضان من قبل الأسرة والتعليم والرفاهية، فمن الممكن أن يتعرض هذا الطفل إلى خطر الاختطاف، أو الاغتصاب، أو القتل، أو السرقة، أو أمراض وهو ينقّب في حاويات القمامة ليلاً، ومن الممكن أيضاً أن يلتقي بأشخاص منهم تجار بشر، أو مخدرات، أو لصوص، فيكون واحداً منهم مستقبلاً”.

مبادرات وجهود

يقول المرشد الاجتماعي صفوان أن مبادرات المنظمات مقصرة جداً تجاه أطفال الشارع عموماً، وليس لديهم أية حلول للحد من هذه الظاهرة، “بحسب وجهة نظره”.

وقال، “أُنشئت مبادرة سابقاً وهي الوحيدة من نوعها، إذ استهدفت الأطفال من النباشين، فكانت التجربة قائمة على سحب الأطفال من الشوارع، ووضعهم في مراكز للاجئين الأيتام، ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً بسبب الطريقة الهوائية الغير مدروسة، لأنهم لم يراعوا خصوصية طفل الشارع، وهي خصوصية الطفل المشرد النفسية، إذ أنه يرفض الذهاب إلى مركز أيتام يقيّد حياته بعد ما كان يعيش حياة الحرية والاستقلالية المطلقة، مما جعل الأطفال يهربون من المركز، مما اضطر إدارة المركز إلى وضع أسلاك شائكة فوق الجدار، ووضع حرس عند باب المركز، مما أدى إلى تحويل دار الأيتام إلى معتقل يقيّد ويغصب الطفل على الخضوع لقوانين المركز”.

واقترح صفوان عدداً من الحلول التي من الممكن أن تساهم في الحد من هذه الظاهرة، “يفترض أن تتوافر برامج سواء كانت من منظمات أو حكومات وقوانين للحد من هذه الظاهرة، بحيث يتم تعيين مختصين اجتماعيين متخصصين بالتعامل مع الأطفال، ويتم عمل دراسة حالة لكل طفل منهم، وعمل دراسة حالة عن أسرهم ليتبين إن كان بالفعل الطفل بحاجة مساعدة وليس لديهم معيل غيره في المنزل، فيتم تقديم ملف هذا الطفل إلى المنظمات لتقوم بدورها بإعالة الطفل وأسرته، إن كان بحاجة مساعدة مادية، أو محاسبة الأهل إن كانوا يتقصّدون نزوله إلى الشارع، أما إذا كانت الأسرة حالتها جيدة والطفل هو من يرفض التعلم والبقاء في المنزل، فيتم تقديم ملفه للمنظمات لمتابعة حالته من قبل مرشدين نفسيين ليتم معالجة المشاكل التي يعاني منها”.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR“صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

Loading

شارك:

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn

منشورات ذو صلة